اعلان

(ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)

اخر الاخبار

breaking//9

السلايدر الرئيسي للدرر البهية

الدرر البهية

السبت، 29 أبريل 2017

أبريل 29, 2017

تكبير النص تصغير النص أعادة للحجم الطبيعي
كلمة حول «شهر شعبان»
قالَ الإمام مُحمَّد بن صالح العُثيمين (ت: 1421هـ) -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىٰ-:
 "
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمدُ لله ربّ العالمين، والعاقبة للمُتَّقين، ولا عُدوان إلاَّ علىٰ الظَّالمين المعتدين، وأشهدُ أنْ لا إله إلاَّ الله وحدهُ لا شريكَ لهُ ربّ العالمين، وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدهُ ورسُوله الأمين صَلَّى اللهُ عليه وعلىٰ آله وأصْحابه، والتَّابعين لهُم بإحسان إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا. أمَّا بعدُ: فهذه كلمات يسيرة في أمور تتعلَّق بـ«شهر شعبان».

• الأمر الأوَّل: في فضل صيامه: ففي "الصَّحيحين" عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((ما رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استكمل صيام شهر قط إلاَّ رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صيامًا منه في شعبان))، وفي "البُخاري" في رواية: ((كان يصوم شعبان كله)). وفي "مسلم" في رواية: ((كان يصوم شعبان إلاَّ قليلاً)).

وروى الإمام أحمد والنَّسائي من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما قالَ: ((لم يكن -يعني: النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصوم من الشَّهر ما يصوم من شعبان))، فقال له: لم أرك تصوم من الشَّهر ما تصوم من شعبان؟ قالَ: ((ذاك شهر يغفل النَّاس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين عزَّ وجلَّ فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم)). قال في الفروع: (ص: 021 ج 3 / ط: آل ثاني: والإسناد جيد).

• الأمر الثَّاني: في صيام يوم النِّصف منه: فقد ذكر ابن رجب -رحمه الله تعالى- في كتاب "اللَّطائف" (ص: 341 ط: دار إحياء الكتب العربية) أنَّ في سنن ابن ماجه "بإسنادٍ ضعيف" عن علي رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((إذا كان ليلة نصف شعبان فقوموا ليلها، وصوموا نهارها، فإنَّ الله تعالى ينزل فيها لغروب الشَّمس إلى سماء الدُّنيا فيقول: ألا مستغفر فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى فأعافيه، ألا كذا، ألا كذا حتى يطلع الفجر)). 

قلتُ: وهذا الحديث حكم عليه صاحب المنار بالوضع، حيث قال: (ص 226 في المجلد الخامس من "مجموع فتاويه"): "والصَّواب أنه موضوع، فإنَّ في إسناده أبا بكر عبد الله بن محمَّد، المعروف بابن أبي بسرة، قال فيه الإمام أحمد ويحيى بن معين: "إنه كان يضع الحديث"" 
.
وبناءً على ذلك: فإنَّ صيام يوم النِّصف من شعبان بخصوصه ليس بسنَّة، لأنَّ الأحكام الشَّرعية لا تثبت بأخبار دائرة بين الضَّعف والوضع باتفاق علماء الحديث، اللَّهُمَّ إلاَّ أن يكون ضعفها ممَّا ينجبر بكثرة الطُّرق والشَّواهد حتَّى يرتقي الخبر بها إلى درجة الحسن لغيره، فيعمل به إن لم يكن متنه منكرًا أو شاذًّا.
وإذا لم يكن صومه سُنَّة كان بدعة، لأنَّ الصَّوم عبادة فإذا لم تثبت مشروعيته كان بدعة، وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((كل بدعة ضلالة)).

• الأمر الثَّالث: في فضل ليلة النِّصف منه: وقد وردت فيه أخبار قال عنها ابن رجب في "اللَّطائف" بعد ذكر حديث عليّ السَّابق: إنه قد اختلف فيها، فضعفها الأكثرون، وصحَّح ابن حبِّان بعضها وخرجها في "صحيحه". ومن أمثلتها: حديث عائشة رضي الله عنها، وفيه: ((أنَّ الله تعالى ينزل ليلة النِّصف من شعبان إلى سماء الدُّنيا، فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب))، خرجه الإمام أحمد والتِّرمذيّ وابن ماجه، وذكر التِّرمذيّ أنَّ البُخاريّ ضعَّفه، ثمَّ ذكر ابن رجب أحاديث بهذا المعنى وقال: "وفي الباب أحاديث أخر فيها ضعف".اهـ. وذكر الشّوكاني: أنَّ في حديث عائشة المذكور ضعفًا وانقطاعًا.

وذكر الشَّيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله تعالى: أنَّهُ ورد في فضلها أحاديث ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها، وقد حاول بعض المتأخرين أنْ يصححها لكثرة طرقها ولم يحصل على طائل، فإنَّ الأحاديث الضَّعيفة إذا قدر أنْ ينجبر بعضها ببعض فإنَّ أعلى مراتبها أنْ تصل إلى درجة الحسن لغيره، ولا يمكن أنْ تصل إلى درجة الصَّحيح كما هو معلوم من قواعد مصطلح الحديث .

• الأمر الرَّابع: في قيام ليلة النِّصف من شعبان، وله ثلاث مراتب :

° المرتبة الأولى: أنْ يصلّي فيها ما يصليه في غيرها، مثل: أنْ يكون له عادة في قيام اللَّيل فيفعل في ليلة النِّصف ما يفعله في غيرها من غير أنْ يخصها بزيادة، معتقدًا أنَّ لذلك مزية فيها على غيرها، فهذا أمر لا بأس به، لأنَّهُ لم يحدث في دين الله ما ليس منه .

° المرتبة الثَّانية: أن يصلي في هذه اللَّيلة، -أعني ليلة النِّصف من شعبان- دون غيرها من اللَّيالي، فهذا بدعة، لأنه لم يرد عن النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه أمر به، ولا فعله هو ولا أصحابه. وأمَّا حديث عليّ رضي الله عنه الَّذي رواه ابن ماجه: ((إذا كان ليلة النِّصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها)).

فقد سبق عن ابن رجب أنه ضعفه، وأن محمد رشيد رضا قال: "إنه موضوع"، ومثل هذا لا يجوز إثبات حكم شرعي به، وما رخص فيه بعض أهل العلم من العمل بالخبر الضَّعيف في الفضائل، فإنَّهُ مشروط بشروط لا تتحقق في هذه المسألة.

فإنَّ من شروطه: أنْ لا يكون الضَّعف شديدًا، وهذا الخبر ضعفه شديد، فإنَّ فيه من كان يضع الحديث، كما نقلناه عن محمد رشيد رضا رحمه الله تعالى.

الشَّرط الثَّاني: أنْ يكون واردًا فيما ثبت أصله، وذلك أنَّهُ إذا ثبت أصله ووردت فيه أحاديث ضعفها غير شديد كان في ذلك تنشيط للنَّفس على العمل به، رجاء للثَّواب المذكور دون القطع به، وهو إن ثبت كان كسبًا للعامل، وإنْ لم يثبت لم يكن قد ضره بشيء لثبوت أصل طلب الفعل.

ومن المعلوم أنَّ الأمر بالصَّلاة ليلة النِّصف من شعبان لا يتحقق فيه هذا الشَّرط، إذ ليس لها أصل ثابت عن النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما ذكره ابن رجب وغيره. قال ابن رجب في "اللَّطائف" ص: (541): "فكذلك قيام ليلة النِّصف من شعبان لم يثبت فيها عن النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا عن أصحابه شيء". وقال الشَّيخ محمَّد رشيد رضا (ص: 857 في المجلد الخامس): "إنَّ الله تعالى لم يشرع للمؤمنين في كتابه ولا على لسان رسُوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا في سنته عملاً خاصًّا بهذه اللَّيلة".اهـ .

وقال الشَّيخ عبد العزيز بن باز: "ما ورد في فضل الصَّلاة في تلك اللَّيله فكله موضوع".اهـ.
وغاية ما جاء في هذه الصَّلاة ما فعله بعض التَّابعين، كما قال ابن رجب في "اللَّطائف" ص: (441): "وليلة النِّصف من شعبان كان التَّابعون من أهل الشَّام يعظمونها ويجتهدون فيها في العبادة، وعنهم أخذ النَّاس فضلها وتعظيمها، وقد قيل: إنَّهم بلغهم في ذلك آثار إسرائيليَّة، فلمَّا اشتهر ذلك عنهم في البلدان اختلف النَّاس في ذلك: فمنهم من قبله ووافقهم على تعظيمها، وأنكر ذلك أكثر علماء الحجاز، وقالوا: ذلك كله بدعة".اهـ.

ولا ريب أنَّ ما ذهب إليه علماء الحجاز هو الحقّ الَّذي لا ريب فيه، وذلك لأنَّ الله تعالىٰ يقول: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَ‌ضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ‌ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ‌ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ‌ رَّ‌حِيمٌ﴾ ﴿المائدة: ٣﴾.
ولو كانت الصَّلاة في تلك اللَّيلة من دين الله تعالىٰ لبيَّنها الله تعالىٰ في كتابه، أو بيَّنها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله أو فعله، فلما لم يكن ذلك علم أنها ليست من دين الله، وما لم يكن منه فهو بدعة، وقد صحَّ عن النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: ((كل بدعة ضلالة)).

° المرتبة الثَّالثة: أنْ يصلى في تلك اللَّيلة صلوات ذات عدد معلوم، يكرر كل عام، فهذه المرتبة أشد ابتداعًا من المرتبة الثَّانية وأبعد عن السُّنة. والأحاديث الواردة فيها أحاديث موضوعة، قال الشّوكاني في "الفوائد المجموعة" (ص: 15 ط: ورثة الشَّيخ نصيف): "وقد رُويت صلاة هذه اللَّيلة، -أعني ليلة النِّصف من شعبان- على أنحاء مختلفة كلّها باطلة وموضوعة".

• الأمر الخامس: أنَّهُ اشتهر عند كثير من النَّاس أن ليلة النِّصف من شعبان يقدّر فيها ما يكون في العام، وهذا باطل، فإنَّ اللَّيلة الَّتي يقدّر فيها ما يكون في العام هي "ليلة القدر"، كما قال الله تعالىٰ: ﴿ حم ﴿١﴾ وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴿٢﴾ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَ‌كَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِ‌ينَ ﴿٣﴾ فِيهَا يُفْرَ‌قُ كُلُّ أَمْرٍ‌ حَكِيمٍ ﴿٤﴾ أَمْرً‌ا مِّنْ عِندِنَا ۚ إِنَّا كُنَّا مُرْ‌سِلِينَ ﴿٥﴾ رَ‌حْمَةً مِّن رَّ‌بِّكَ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿٦﴾﴾ ﴿سورة الدّخان﴾، وهذه الليلة التي أنزل فيها القرآن هي ليلة القدر، كما قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ‌﴾ ﴿القدر: ١﴾. وهي في رمضان، لأنَّ الله تعالى أنزل القرآن فيه، قال تعالى: ﴿شَهْرُ‌ رَ‌مَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْ‌آنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْ‌قَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ‌ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِ‌يضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ‌ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ‌ يُرِ‌يدُ اللَّـهُ بِكُمُ الْيُسْرَ‌ وَلَا يُرِ‌يدُ بِكُمُ الْعُسْرَ‌ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُ‌وا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُ‌ونَ﴾ ﴿البقرة: ١٨٥﴾. فمن زعم أنَّ ليلة النِّصف من شعبان يقدّر فيها ما يكون في العام، فقد خالف ما دلَّ عليه القرآن في هذه الآيات.

• الأمر السَّادس: أنَّ بعض النَّاس يصنعون أطعمة في يوم النِّصف يوزعونها على الفقراء ويسمُّونها عشيات الوالدين. وهذا أيضًا لا أصل له عن النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيكون تخصيص هذا اليوم به من البدع الَّتي حذَّر منها رسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال فيها: ((كل بدعة ضلالة)).

وليعلم أنَّ من ابتدع في دين الله ما ليس منه فإنَّهُ يقع في عدَّة محاذير منها:

˝ المحذور الأوَّل: أنَّ فعله يتضمَّن تكذيب ما دلَّ عليه قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَ‌ضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ‌ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ‌ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ‌ رَّ‌حِيمٌ﴾ ﴿المائدة: ٣﴾. لأنَّ هذا الَّذي أحدثه واعتقده دينًا لم يكن من الدِّين حين نزول الآية، فيكون الدِّين لم يكمل على مقتضى بدعته.

˝ المحذور الثَّاني: أنَّ ابتداعه يتضمن التَّقدم بين يدي الله ورسوله، حيث أدخل في دين الله تعالى ما ليس منه. والله سبحانه قد شرع الشَّرائع وحد الحدود وحذَّر من تعديها، ولا ريب أن من أحدث في الشَّريعة ما ليس منها فقد تقدَّم بين يدي الله ورسوله، وتعدَّى حدود الله ومن يتعدَّ حدود الله فأولئك هم الظَّالمون.

˝ المحذور الثَّالث: أنَّ ابتداعه يستلزم جعل نفسه شريكًا مع الله تعالى في الحكم بين عباده، كما قال الله تعالىٰ: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَ‌كَاءُ شَرَ‌عُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّـهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ ﴿الشّورى: ٢١﴾.

˝ المحذور الرَّابع: إنَّ ابتداعه يستلزم واحدًا من أمرين، وهُما: إمَّا أن يكون النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاهلاً بكون هذا العمل من الدِّين، وإمَّا أن يكون عالماً بذلك ولكن كتمه، وكلاهما قدحٌ في النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أمَّا الأوَّل فقد رماه بالجهل بأحكام الشَّريعة، وأمَّا الثَّاني فقد رماه بكتمان ما يعلمه من دين الله تعالىٰ.

˝ المحذور الخامس: أنَّ ابتداعه يؤدِّي إلى تطاول النَّاس على شريعة الله تعالىٰ، وإدخالهم فيها ما ليس منها، في العقيدة والقول والعمل، وهذا من أعظم العدوان الَّذي نهى الله عنه.

˝ المحذور السَّادس: أنَّ ابتداعه يؤدِّي إلى تفريق الأمَّة وتشتيتها واتِّخاذ كل واحد أو طائفة منهجًا يسلكه ويتهم غيره بالقصور، أو التَّقصير، فتقع الأمَّة فيما نهىٰ الله عنه بقوله: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّ‌قُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ ﴿آل عمران: ١٠٥﴾، وفيما حذَّر منه بقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّ‌قُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُ‌هُمْ إِلَى اللَّـهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ ﴿الأنعام: ١٥٩﴾.

˝ المحذور السَّابع: أنَّ ابتداعه يؤدِّي إلى انشغاله ببدعته عمَّا هو مشروع، فإنَّهُ ما ابتدع قوم بدعة إلاَّ هدموا من الشَّرع ما يقابلها.

وإنَّ فيما جاء في كتاب الله تعالى، أو صحَّ عن رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الشَّريعة لكفاية لمن هداه الله تعالى إليه واستغنى به عن غيره، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّ‌بِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ‌ وَهُدًى وَرَ‌حْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ﴿٥٧﴾ قُلْ بِفَضْلِ اللَّـهِ وَبِرَ‌حْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَ‌حُوا هُوَ خَيْرٌ‌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ﴿٥٨﴾﴾ ﴿سورة يونس﴾. وقال الله تعالىٰ: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ﴾ ﴿طه: ١٢٣﴾.
أسْأل الله تعالىٰ أن يهدينا وإخواننا المسلمين صراطه المستقيم، وأنْ يتولاَّنا في الدُّنيا والآخرة إنَّهُ جوادٌ كريمٌ، والحمدُ لله ربّ العالمين". انتهى.


بقلم كاتبه الفقير إلى الله:

محمَّد الصَّالح العُثيمين في: (21/8/1403هـ) /

([«مجموع الفتاوىٰ والرَّسائل» (20/ 25، 33)])

إرسال تعليق